سنوات كانت كافية لتندمج «عواطف محمد عبدالعال» بين رجال وسائقى موقف بنى سويف العمومى، حيث أصبحت واحدة منهم، رغم غرابة عملها عليهم، فهى أول صعيدية تعمل تباعاً على ميكروباص.
عندما كانت فى السابعة عشرة من عمرها خرجت عواطف من قريتها «هلية» التابعة لمركز ببا للعمل ومساعدة أسرتها المكونة من أمها وأشقائها الأربعة.. بحثت عن عمل يناسب طبيعتها كفتاة لكنها لم تجد، فاضطرت للعمل فى الموقف، تنادى على الزبائن والسيارات، تقول عواطف: «أحلى حاجة فى شغلتى إنى باكسب لقمتى بالحلال، والناس فى الموقف بيعاملونى زى أختهم، ومن كتر ما اندمجت فى الشغل ساعات بحس إنى راجل زيهم».
عواطف لم تخرج للعمل سوى بعد وفاة والدها، الذى راح ضحية ضيق ذات اليد، إذ كان يعانى مرضاً عصبياً ويحتاج لجراحة دقيقة، فشل فى إجرائها بسبب إمكانياته المحدودة وتوفى، وترك أسرته دون دخل، وتضيف عواطف: يوميتى تصل إلى ٣٥ جنيهاً، وعملى يتلخص فى تحميل الركاب وجمع الأجرة وتسليمها للسائق ثم الحصول على «قومسيون» زى أى صبى فى الموقف.
تتذكر عواطف أول مرة خرجت فيها للعمل تباع: مع سواق من ببا استغرب جداً لما شافنى وقالّى ماينفعش يا بنتى تشتغلى الشغلانة دى، فرديت عليه: أعمل إيه أكل العيش مر، ومن ساعتها وكل اللى فى الموقف بيساعدونى، وأنا كمان شاطرة وباملأ العربية فى أقل من ٥ دقائق.. حتى الركاب فى الأول كانوا مندهشين من عملى تباع على ميكروباص، لكنهم اتعودوا بسرعة وكتير منهم بقوا أصحابى، وبمجرد امتلاء العربية أجلس إلى جوار أى سيدة وأواصل النداء: مصر مصر».
عواطف تخفى طبيعة عملها على أشقائها وتحاول العمل ساعات إضافية لجمع أى مبلغ يساعدها على تحقيق حلمها فى امتلاك سيارة ميكروباص تعمل عليها هى وأشقاؤها: ساعتها أبقى براحتى وأقول لإخواتى باشتغل إيه، أنا بس خبيت عليهم عشان ما يخافوش على من الشغلانة الصعبة دى